pregnancy
yX Media - Monetize your website traffic with us

صفات الإنسان المسلم الرباّني


صفات الإنسان المسلم الرباّني


يقول الله تعالى:
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ
وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ( آل عمران/79
من هو الإنسان الرباني ؟ كيف أكون ربانياً ؟
وبماذا يتصف الإنسان الرباني ؟
الإنسان الربَّاني هو من حَسُنَتْ علاقته بالله ، واستجاب لأوامر الله تعالى .
الناس رجلان : رباني وشهواني ، مؤمنٌ وكافر ، خيرٌ وشرير ، مُنصفٌ وجاحد ، صادقٌ وكاذب ، محسنٌ ومسيء ، مخلصٌ وخائن ، مستقيمٌ ومنحرف ، هناك خطَّان لا ثالث لهما إن لم تكن أحد الأطراف فأنت حتماً الطرف الثاني ,
وهذا ما قاله الله تعالى لنبيه : 
( فإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ ) القصص/50 
فإما أن تكون ربَّانياً عرفت الله واتبعت منهجه وأحسنت إلى خلقه ، فتسعد في الدنيا والآخرة ،
أو شهوانياً غفل عن ربه ، وتفلَّت من منهجه ، وأساء إلى خلقه ، فشقي في الدنيا والآخرة ..... ولن تجد رجلاً ثالثاً .
صفاته : 
الإنسان الرباني : هو موحِّد مبدؤه : إياك نعبد وإياك نستعين .
لا يبتغي الربَّاني غير الله رباً ( قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) الأنعام / 164 
ولا ولياً ( قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الأنعام / 14 
ولا حكماً ( أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ) الأنعام / 114
الذي أفسد الحياة الروحية عند المسلمين ليس هو الإلحاد ، الإلحاد دائرته ضيِّقةٌ جداً ، الذي أفسد الحياة الروحيَّة هو الشرك ، و .. 
( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلا قَمَرًا وَلا وَثَنًا وَلَكِنْ أَعْمَالا لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً ) من سنن ابن ماجة 
الإنسان الرباني : حياته منضبطةٌ بأحكام الشرع الإلهي ،لا كما يهوى عقله ونفسه ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) البخاري
الإنسان الرباني : عنده استمرار ، فالعبادة عنده ليست وَمَضات ، وليست نَوْبَات ، وليست مواسم، أرأيت إلى بعض المسلمين يعبدون الله في رمضان ، فإذا خرجوا من رمضان عادوا إلى ما كانوا عليه
هناك عبادة العمر الحج ، وهناك عبادة العام الصيام ، وهناك عبادة الأسبوع الجمعة ، واليوم الصلاة والذِكر والدعاء .
الإنسان الرباني : منهجه يتَّسم باليُسر والسَعَة مبدؤه 
( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا البقرة
فهو غير مكلفٍ إلا بما في وسعه ، ولا مطالبٍ إلا بما يستطيع ، ولكن هذا الوسع وتلك الاستطاعة حدَّدها الله في القرآن وحدَّدها النبي r في سنته المطهَّرة ، لا يحدد الوسع الإنسان
( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 
الرباني : لا ييأس , لا يقنط ، لا يتراجع ، واثقٌ بالله ، هو قد يذنب لكنه سريع التوبة والأوبة ، يكفِّر عن سيئاته بحسنات ..
( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ) هود/114 
الإنسان الرباني : متوازن معتدل ، لا يقبل التنطُّع ولا الغلو 
( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ ) المائدة / 77 
فقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن نفراً من أصحابه أرادوا أن يتقرَبوا إلى الله بترك الزواج ، أو ترك العمل ، أو ترك الأشياء المباحة ، فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : 
( أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) البخاري 
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم : 
( إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ) البخاري 
لِزَوْرِكَ: "لضيفك"
التوازن والاعتدال ، دين الفطرة ، دين الواقع ، دين الإنسان بكل جوانبه المادي ، والعقلي ، والنفسي ، والروحي ..
( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) الأعراف/32 
الإنسان الرباني : منهجه مُمتدٌ وشامل ، لا يعيش حياته متناقضاً مع ذاته ، ساعةٌ لنفسه ، وساعةٌ لربه ، ساعة ٌيعبُد الله فيها ، وساعةٌ ينتهك حرمات الله فيها ، فهو مع الله في خلوته وفي جلوته ، في بيته وفي الطريق ، في عمله وعِلمه ، في سفره وإقامته ، في نومه ويقظته .. مبدؤه 
( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة /115 
لذلك شُرِعَ الذكر والدعاء صباح مساء ، في الدخول والخروج ، في الأكل والشرب ، في النوم واليقظة ، في السفر والأوبة ، وحتى عند الشهوة..
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً , وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) الأحزاب/41-42 
حتى في أعماله الدنيويَّة ؛ فحرفتك ، وعملك إن كان مشروعاً ، وابتغيت بها كفاية نفسك وأهلك وخدمة المسلمين ، ولم يشغلك عن فريضةٍ ، ولا عن واجبٍ ، ولا عن طلب علمٍ ، ولا عن عملٍ صالح انقلبت حرفتك إلى عبادة.
( إِنَّ اللّهَ يُحِبُ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عمَلاً أَنْ يُتْقِنَه ) وفي رواية :(أن يحسنه)
( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ , رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ) النور/36-37 
يتاجرون ويبيعون ويشترون ولكن هذه التجارة لا تلهيهم عن ذكر الله وإقام الصلاة .
الأعمال الدنيوية المَحْضَة يمكن أن تنقلب إلى عبادات ، والعبادات غير الخالصة يمكن أن تنقلب إلى آثام ، في اللقمة التي تضعها في فم زوجتك هي لك صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة ، والأرض كلها مسجد ، والأعمال كلها قُرُبات ، هذه حياة المؤمن الرباني .
الإسلام قسم البشريَّة كلها إلى ثلاث نماذج :
الأول ظالمٌ لنفسه ، والثاني ناجي ، ولكن الثالث متفوِّق..
( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) فاطر/32 
هناك من يكتفي بأداء الفرائض وقد يقصِّر فيها، وهناك من يَدَعُ المحرَّمات وقد يقع فيها ، هذا هو الظالم لنفسه ،
وهناك من يلتزم أداء الفرائض ولا يقصِّر ، ويمتنع عن المحرَّمات ولا يقع فهو المقتصد ،
وهناك من لا يكتفي بترك المحرَّمات النَيِّرات الواضحات ، بل يدع الشُبهات استبراءً لدينه وعرضه ، ثم يدع المكروهات ، ثم يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس ، قد يدع الحلال الذي قد يجرُّه إلى الحرام ، هذه مرتبة عالية جداً .
وهناك من يفعل النوافل ..
( مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) البخاري 
لذلك الفرائض تقرِّب إلى الله ، والنوافل تدخلك في مرتبة الحُب مع الله
كل إنسان رباني له هويَّة : فالغني مثلاً عبادته الأولى إنفاق المال ، والعالم عبادته الأولى تعليم العِلم ، والطبيب عبادته الأولى معالجة المرضى ولاسيما الفقراء ، والقوي عبادته الأولى إنصاف المظلومين والدفاع عن الأهل والمال والولد والوطن .
يجب أن تعبد الله بالهويَّة التي أقامك فيها ، ثم في الظرف الذي وضعك فيه، ثم في الوقت الذي هيأه لك
هذا هو الإنسان الرباني ، يعبد الله بكل أنواع العبادات ؛ من قوليةٍ ، إلى فعليةٍ ، إلى ماليَّةٍ ، سراً وجهراً ، وهو يطبِّق منهجه طوال حياته ، وفي كل مناحِ حياته ، وفي كل شؤون حياته ، ومتوازنٌ مع توازن المنهج الإلهي ، وهذا الرباني يأخذ الرُخَص التي سمح الله بها ، وهو متبعٌ لا مبتدع ، وهو موحِّدٌ لا مشرك ، فهو يعيش مع الله لأنه يرى الدنيا فانية لا قيمة لها ونهايته ستكون تحت التراب ولن يأخذ إلا عمله الورقة الرابحة .
هذه خصائص الإنسان الرباني ..
فإما أن تكون ربانياً فتسعد في الدنيا والآخرة , وإما شهوانياً فتشقى في الدنيا والآخرة
فإن لم تكن ربانياً فأنت حتماً على الطريق الآخر الذي يؤدي بك إلى النار