يقول الله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }
الحجرات / 1-2
من أعظم حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا: ألا نقدم أقوالنا ولا أفهامنا على قول وفعل الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لأنه أخبرنا ربنا تبارك وتعالى أنه لا ينطق عن الهوى؟
كيف ندعي حب لله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقدم أقوالنا على قوله، ونقدم أفهامنا على فهمه، ونقدم أفعالنا على فعله؟!
تدبر معي قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } الحجرات/1
هذا نداء لأهل الإيمان
إذا سمعتها فأرعها سمعك
فهذا النداء إما خير سيأمرك به وإما شر سينهاك عنه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } الحجرات/1
أي: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، اعرض قولك وفعلك على القرآن والسنة، هل قولك موافق لقول الله؟
هل قولك موافق لقول الصادق رسول الله؟
هل فعلك موافق لفعل الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
إن قدمت قولك على قول الله، وقدمت قولك وفعلك على قول وفعل رسول الله؛ فقد خالفت القرآن والسنة وهذا ليس من الأدب معهما
وقد صرنا نرى الكثير يفتي في دين الله!
مع أنه في الوقت ذاته لو قلت له: يا فلان! نريد منك أن تجري جراحة لهذا المريض في القلب، يقول: لا، أنا لست طبيباً، بل لو كان طبيباً لقال: أنا طبيب، لكنني لست متخصصاً في جراحة القلب،
ولو قيل لآخر: يا فلان! صمم لنا هذا المسجد تصميماً هندسياً وإنشائياً، سيقول لك: لا، أنا لست مهندساً، هذا ليس من تخصصي، لكنك ترى وتسمع كل أحد يتكلم في دين الله بغير دليل وبغير علم.
فالرسول لا يأمر إلا بما أمر به الله عز وجل :
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } الحشر/7
{ فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ*وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ* تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الحاقة/38-43
لا يمكن أن يزيد أو ينقص النبي صلى الله عليه وسلم كلمة واحدة :
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } الحاقة/44-47
فمن حق سيد النبيين صلى الله عليه وسلم علينا ألا نقدم فهمنا وعقلنا وقولنا وفعلنا على فهمه وقوله وفعله
العقل لا يتناقض إطلاقاً مع القرآن ومع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم , النظريات العلمية تثبت صدق النبي صلى الله عليه وسلم :
- روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب أو إحداهن بالتراب } والروايتان صحيحتان
وفي لفظ : { طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب}
فيأتي من يقول:
أي تراب هذا الذي تتكلم عنه في عصر الذرة والإنترنت، وعصر الفضاء ، وفي عصر المنظفات تقول: نغسل الإناء بالتراب إذا ولغ فيه الكلب؟!
فينكر العقل هذا الكلام النبوي بدعوى أنه لا يمكن على الإطلاق أن يتوافق مع هذا العصر ونتّهم بأننا ما زلنا نعيش في العصور الوسطى، ونتّهم بالتخلف والجمود والرجعية والتأخر..
فيخرج علينا عالم إنجليزي
(وما زال هذا العالم حياً يرزق، وهو من أعضاء اللجنة التي تمنح الزمالة البريطانية لمن يحصل على هذه الشهادة) ببحث علمي هائل ويقول:
لقد اكتشفنا في مجال علم الطفيليات أن الكلب يفرز مع لعابه كماً هائلاً جداً من الجراثيم والميكروبات، تسبب أكثر من خمسين مرضاً.
قال: واكتشفنا في الوقت ذاته أن القطط (التي قال في حقها النبي صلى الله عليه وسلم :
{هن من الطوافين عليكم والطوافات} ، ولم يشدد فيهن مثلما شدد في شأن الكلاب) لا تفرز في لعابها أيَّ نوع من أنواع الجراثيم، وما ينتج عن القطط من أنواع الأمراض إنما هو بسبب الجلد أو البراز، وليس من اللعاب .
قال: فلما طهرنا الإناء الذي ولغ فيه الكلب بأحدث ما وصل إليه العلم الحديث من المطهرات والمنظفات، وجدنا أن كل هذه المنظفات لم تقض على كل الجراثيم التي أفرزها الكلب في لعابه في هذا الإناء.
قال: فجربنا ما بلغنا عن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وغسلنا هذا الإناء بالتراب مرة ، ثم نظرنا بعد ذلك في البحث العلمي وقمنا بالتجربة؛ فلم نجد أثراً لميكروب أو لجرثومة واحدة في هذا الإناء الذي طهرناه بالتراب!
فمن الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم ذلك ؟!
أولم يقل ربنا جل وعلا:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } النجم/3-4
بل خذ هذا البحث العلمي الآخر:
روى الإمام البخاري وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه، فإنه يحمل في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً}
وفي لفظ صحيح: {دواء}.
(شفاء ودواء وداء).
فقد اكتشف عالم ألماني يقال له: (بريفلد) من جامعة هال بألمانيا: أن الذباب حينما يسقط في السائل على أحد جناحين يفرز نوعاً من أنواع الجراثيم والميكروبات،
ووجد أيضاً أن الذباب في الوقت ذاته يحمل على بطنه وعلى الجناح الآخر نوعاً من أنواع الفطريات سموه: (أميوزموسكي)،
واكتشفوا أن هذا الفطر يحمل نوعاً من أنواع المواد المضادة للجراثيم والميكروبات التي تفرزها الذبابة حين تلامس السائل بجناحها الأول،
بل وستعجب إذا علمت أنهم اكتشفوا أن (غرامين) اثنين من هذا الفطر يحمي ألفين لتراً من اللبن من الجراثيم!
بل اعجب أنهم قالوا: ولا تفرز الذبابة هذه المواد المضادة التي تقضي على هذه الجراثيم والميكروبات إلا إذا غمست كلها في السائل !!
فمن الذي علم الصادق الذي أخبر بها قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، ولم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية
هناك حقائق علمية قررها القرآن قبل (1400) عام :
- من الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم أن القمر كان مشتعلاً مضيئاً ثم انطفأ ومحي ضوؤه, وأن هذا النور الذي ينبعث منه الآن إنما هو انعكاس لكوكب آخر ألا وهو الشمس؟ من الذي علم محمداً هذه الحقيقة العلمية الهائلة التي لم تكتشف إلا في هذه الأيام الماضية، قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أسماع أهل ذلك الزمان قول الرحمن:
{فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً }
آية الليل هي: القمر، وآية النهار هي: الشمس .
{فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا } الإسراء/12
وهذه حقيقة علمية كبيرة جداً.
- من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم أن الجبال تتغلغل الآن في أعماق الأرض كالأوتاد, وأن الجبل له سن مدبب في الأرض كالوتد؟
من مئات السنين حينما علم الدنيا كلها قول رب العالمين:
{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا } النبأ/7
{وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ } الأنبياء/31
هذه الحقيقة العلمية لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية
- من الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم أن الأعصاب التي توجد في الجلد هي التي تتأثر فقط بالحرارة والبرودة :
ذلك حينما أسمع الدنيا كلها قول الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ } النساء/56
فهذه الأعصاب التي توجد في الجلد هي فقط التي تتأثر بالبرد وبالحر وبالعذاب هذه الحقيقة أخبرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، مع أنها لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية.
- من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم وعلمه بأن موج البحر إذا انعكس عليه الضوء، فإن هذا الضوء ينكسر على هذا الموج فيكون خلفه ظلمة حالكة كالسحاب حينما تحجب نور القمر عن الأرض؟
من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة العلمية الهائلة يوم أسمع الدنيا قول الله جل وعلا:
{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ } النور/:40
انظر إلى التعبير القرآني:
{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } النور/40
هذه الحقائق العلمية المذهلة التي لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية، أخبر عنها الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فوقع ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .